علِّموا أبناءكم حُبَّ الصَّحابة رضوان الله عليهم
--------------------------------------------------------------------------------
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ظفرتُ بمقالة رائعة حول تعليم الناشئة حب الصحابة رضوان الله عليهم ، فأحببتُ أن تشاركوني في قراءتها :
:: علموا أبناءكم حب الصحابة ::
بقلم : إبراهيم العنزي
إن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ; اصطفاهم الله لصحبة نبيه , وجعلهم أعلام الهدى ومصابيح الدجى , لما علم فيهم من نقاء السيرة , وطهارة السريرة , فهم أقرب الناس للوحي , وألصق بمعلمه صلى الله عليه وسلم, ولهم اطّلاع وفهم , واستنباط للكتاب والسنة , مما لم يصل إليه غيرهم , لما وجد فيهم من حسن النية , وسلامة الطوية , وصفاء الذهن , ومع هذا صبر وإيمان , وتضحية وإحسان , بذلوا أنفسهم , وأموالهم , وأولادهم , وكل ما يستطيعون , في سبيل مرضاة الله , فلهم الفضل في نقل الشريعة والدين , ولهم الفضل في الفتح والتمكين ,
فارقوا الأوطان , وهجروا الخلان , وتركوا أعز شيء عليهم , راضين مختارين , إلى أرض لا عهد لهم بها , وأمم لا نسب ولا ألفة بينهم وبينها , كل ذلك في سبيل الله .
لا يعرف عظمة هذا الجيل إلا من قرأ سيرته , وتابع حركته ومسيرته , إن موقعهم في الصدارة من البشرية , لا يتقدمهم إلا الأنبياء والرسل الكرام , إنهم جيل نصر , وثلة خير , وأئمة دعوة , وما أجمل ما قاله أبو بكر الخطيب البغدادي ~ عنهم . قال في كتابه الكفاية ص 96 : " على أنه لو لم يرد من الله عز وجل ; ورسوله فيهم شيء مما ذكرناه لأوجبت الحال التي كانوا عليها، من الهجرة، والجهاد، والنصرة، وبذل المهج والأموال، وقتل الآباء والأولاد، والمناصحة في الدين، وقوة الإيمان واليقين القطع على عدالتهم , والاعتقاد لنزاهتهم، وأنهم أفضل من جميع المعدلين والمزكين الذين يجيئون من بعدهم أبد الآبدين "..
وقد اهتم العلماء بسيرهم , ومواقفهم , وأقوالهم , لأنهم عاصروا التنزيل , وشهدوا التأويل , وفهموا دلالة الكتاب والسنة , فمن اقتدى بهم فهو على الطريق القويم , والصراط المستقيم , قال الإمام أحمد في كتاب السنة ص 87 :"حبُّهم سنة، والدعاء لهم قربة، والاقتداء بهم وسيلة، والأخذ بآثارهم فضيلة ".
وبعد أيها الإخوة : لم نثري التربية بسيرة هؤلاء العظماء ؛ ولم نعط أجيالنا الزاد الكافي من السيرة العطرة لهؤلاء الثلة المباركة ؛ مما جعل أبناءنا يلتمسون القدوات من غيرهم , فاهتموا بقصص الأعاجم من اللاعبين والمغنين , والممثلين وغيرهم , وبحثوا عن آخر أعمالهم , وبطولاتهم المزعومة , ومغامراتهم العاطفية , وسهراتهم الفنية ,
إن الإهمال في إظهار القدوات الصالحة , سلوك اجتماعي خاطيء , ينبغي معالجته قبل أن يستفحل الداء , ويصعب الدواء , وعندها لا يجد أبناءنا طريق الهداية.
أين نحن من الجلسة العائلية التي يتحدث فيها الأب , أو الأم مع الأبناء عن أحد هؤلاء العظماء ؟ عن صبرهم , عن وفائهم , عن صدقهم , عن جهادهم ؟ ...إلخ.
أين المكتبة الإسلامية التي تتوسط البيت , فتكون روضة مليئة بالكتب والكتيبات التي تحكي قصصهم , وسيرتهم؟ إننا لا نجد من هذه الكتب شيئاً ملحوظاً في كثير من بيوت المسلمين , مع أنها متوفرة في أحسن الطبعات , والألوان ؟ بل للأسف لا يعرف بعض الآباء والمربين الكتب الهامة التي ألّفت في الصحابة , ككتاب الإصابة لا بن حجر , والاستيعاب لابن عبد البر , وأسد الغابة لابن الأثير , ومعرفة الصحابة لأبي نعيم ...إلخ.
أين الاهتمام في سيرة الصحابة في فصولنا ؟ إنه درس مختصر عند البعض سرعان ما ينتهي , دون بيان للصور المشرقة , والمواقف السامقة , والبطولات الفائقة ,
إنها أجيال هائمة , تبحث عمن يعيد بوصلتها لتتجه الوجهة السليمة , فحري بك أيها المربي أن تشبع نهمتها , وأن تسدد مسيرتها , وأن تروي غلّتها , فأين مواقف أبي بكر البطولية , وأين سيرة عمر الرضية , ومن هو ابن عباس ؟ كيف كانت حياته , وأوقاته؟ من عائشة أو خديجة أو فاطمة ..إلخ.
لقد اهتمت الأمم بتمجيد عظماءها , وهم عباد دنيا , ومنصب وشهوة ومال , ونحن قصرنا في نشر سيرة أسلافنا الأبطال , ممن لم يسمع التاريخ بمثلهم بعد النبيين رجال , رحمة , وسمو , وعدل , وصدق فعال ,
ولكي تعرف حقيقة الحال في جهل الأجيال لهؤلاء الرجال: اسأل أبناءك عن أحدهم , وانظر حصيلته , ثم اسأله عن أحد اللاعبين , أو الممثلين , أو عن الأفلام , أو الأغاني , أو المباريات ستجد الفارق في الإجابة كبير؟!!.
ولقد سألت أحد طلاب الثانوية عن حفصة أم المؤمنين ؟ فقال : إنها ابنة أبي بكر الصديق !! وسألت آخر متى انتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى ؟ فلم يستطع الجواب.
ولو سألت أبنائك عن قصص الخيال : عن السوبرمان , والسبيدر مان , والوطواط , والميكي ماوس , ممن صنع منهم الإعلام الكرتوني عظماء , وملأ بهم , الأرض والفضاء , لوجدت ما يذهلك , ويحزنك في آن واحد !! سيجيبك عن كل هؤلاء , بالتفصيل للأحداث , والمغامرات , لقد تشبعت عقول أبنائنا بهذه الأساطير والخرافات , وأصبحت صورهم تعلق على الصدور , وفي الدور ,
ومن هنا لا ينبغي أن نستغرب كثيراً عندما نرى أبنائنا يظهر عليهم الإجرام , أو يتصفوا بالمياعة , والانحلال , أو يقصّوا شعورهم بالقصّات الأجنبية ؟ ويلبسوا السلاسل على الأعناق , ويعلقوا صور الكفار , والفجار في غرفهم ,
لأننا تخلينا عن دورنا الحقيقي , وتركنا لوسائل الشر تعمل فيهم عملها , لقد قصرنا في واجب التثقيف فلم نملأ عقولهم بالفضائل , وسيرة الفضلاء , وتركناهم في دوامة الشر والشقاء. وقد قال صلى الله عليه وسلم ; "كلكم راع , وكلكم مسؤول عن رعيته ". وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم : "ما من راع يسترعيه الله رعية , يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرّم الله عليه الجنة".
المصدر :
http://hosyyan.com/detail.php?siteid=60مع تحياتي